الابتكار القيادي وقيادة الابتكار

11/09/2018 | أنوار الشمري

 5578     0

الابتكار القيادي وقيادة الابتكار


تتعدد المفاهيم الدالة على الابتكار ليتساءل الكثير ان كان نهج حياة أم منهج علمي حديث تم تداوله مؤخراً على مستوى الحكومات، ولكن لا يعلم الكثير أن الابتكار يمثل جزءاً من شخصية أبناء الامارات وإننا نشأنا على تطبيق الابتكار منذ اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة، عندما التقى المغفور لهما الوالد المؤسس سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والوالد سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في اجتماع السميح في السديرة عام 1968 ليتفقا على مشروع جديد لم يحدث سابقاً تنفيذاً لما خططا له سموهما، وهو الاتحاد الثنائي.

 

كان التطبيق المباشر لهذا الفكر المبتكر دور عظيم ليتم تحسين وتطوير هذا المشروع ليشمل باقي امارات الساحل المتصالحة، ولتعلن دولة الامارات العربية المتحدة قيامها في الثاني من ديسمبر عام 1971.

 

ومنذ ذلك التاريخ أصبح الابتكار جزءاً من حياتنا اليومية، فخرجنا من إطار الاعتمادية الى فلك الاستقلالية ضمن منظومة واضحة من المستهدفات والاستراتيجيات التي تعكس تطور مفهوم الابتكار بمرور الزمن.

 

هنا يتبلور لنا مفهوم الابتكار القيادي، حيث يتخذ القائد القرار بضرورة التغيير من عدمه، والاطلاع على الدراسات اللازمة ومدى التغيير المطلوب وحجمه وتأثيره، ووضع الاستراتيجيات للوصول للأهداف المرجوة، مع ربط المستهدفات بخطة زمنية وحشد الجهود لتنفيذها ضمن المدة المحددة. ومتابعتها وربطها بالحوافز والبرامج كبرنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي، والذي يقوم بتقييم ما وصلت إليه الجهات تحقيقاً لمستهدفات استراتيجية الفكر القيادي المبتكر. 

 

تبلورت رؤية الامارات ليوبيلها الذهبي كفكر قيادي مبتكر لتنصب في مستهدفات الأجندة الوطنية للابتكار ولتتضافر جهود جميع الجهات لتحقيق رؤية دولتنا، وهنا برزت ضرورة تخطي مجموعة من تحديات اليوم ولذا جاء الابتكار القيادي في المسرعات الحكومية حيث انتقل الفكر القيادي لمرحلة التنفيذ الآني لمستهدفات محددة للجهات مع شركائها. 

 

إن قيادة الابتكار لا تعني بالضرورة اختراع او تطوير الابتكار، بل قد يتمثل الدور الأكبر في تهيئة الطريق المؤدي له وتذليل الصعوبات للوصول إليه، ومشاركته مع المعنيين من رؤساء ومرؤوسين وشركاء ووضعه ضمن إطار واضح لمتابعته وتحقيقه، لذا نتشارك جميعاً للوصول للابتكار الحكومي الذي تنشده قيادة دولتنا الحبيبة.

 

 تتجلى سمات قائد الابتكار في اتساع فكره وخبرته في المجال وثقافته العميقة ومهاراته العالية في الاتصال والتواصل والقدرة على النظر للصورة الأشمل ضمن إطار تحقيق المستهدفات ودون تشتيت الفريق مما يعزز فهم الفريق للقائد ويزرع الثقة في الفريق إيمانًا بأن جهودهم ستحقق النتائج المرجوة. لذا من الضروري اختيار الفريق الذي يدعم قائد الابتكار ويستثمر الوقت والجهد اللازم وليحمل أعضاء هذا الفريق سمات الفكر المبتكر والقدرة على التفكير التصميمي ورسم خارطة المتعامل وغيرها من أدوات الابتكار التي تنقل الفكرة من الأوراق لحيز التطبيق العملي. 

 

وقد قامت Harvard Business Review    بإعداد دراسة عن "10 خصال لقائد الابتكار" تضمنت اظهار رؤية استراتيجية واضحة، وجعل العميل محور التركيز، وخلق بيئة من الثقة المتبادلة، والإيمان ببيئة تدعم الأفكار المتميزة من بداياتها لنقلها لمراحل الدراسة والتطبيق، والشجاعة في اتخاذ القرار الأنسب للمؤسسة والعميل، ومهارة الاقناع، والبراعة في إيجاد حلول ونتائج لأهداف أعلى من المتوقعة، والتأكيد على أهمية السرعة والوقت، والوضوح والصدق في تواصلهم مع المعنيين، والالهام والتحفيز من خلال التطبيق.  

 

ولتكتمل رحلة قيادة الابتكار، فمن المهم جداً التأكد من تطبيقه وقياس الأثر المترتب عليه، وتعديل مساره أو إيقافه إن استدعى الأمر، فمن المحتمل ألا يحقق الابتكار الهدف المطلوب أو قد يكون تأثيره أقل حجماً أو أكبر حجماً مما توقعته الدراسات، أو قد يكلف تطبيقه أضعاف ما قد خطط له، هنالك العديد من الأمثلة لابتكارات تم ايقافها أو تعديل مسارها بعد اطلاقها لحكومات عالمية في مجالات رائدة كالتعليم والطاقة والصحة. لذا على القائد المبتكر تحديد واجراء اللازم في الوقت المناسب. 

 

مما سبق يتضح أن الابتكار جزءٌ لا يتجزأ من منظومة الحياة والعمل، وارتباطه الوثيق بالإتقان والإخلاص والمثابرة، مع أهمية تطوير مهارات القائد لتشمل الفكر المبتكر، وخلق البيئة الداعمة له، وتعزيز مفهوم الابتكار ومجالات تطبيقه في العمل وضرورة نشر المعرفة المرتبطة بالابتكار ونتائج الاستثمار في الابتكار المؤسسي لجميع الشرائح الوظيفية بما يسهم في تحقيق ما تصبو اليه قيادتنا الرشيدة.



أنوار محمد الشمري

وزارة تطوير البنية التحتية

تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button